هذه الترجمة قد لا تعكس التغييرات التي تم إدخالها منذ 2021-07-18 على النسخة الإنجليزية اﻷصلية.

من المستحسن أن تلقي نظرة على هذه التغييرات. من فضلك، راجع تعليمات الترجمة للحصول على المعلومات المتعلقة بتسليم وتنسيق ترجمات هذه المقالة.

ليست أبواباً،1 بل قضبان زنزانة

بقلم ريتشارد ستولمان
مؤسس مؤسسة البرمجيات الحرة

(نشر هذا المقال في BBC News في 2008.)

إلقاء قدر كبير من الاهتمام لاعتزال بيل غيتس يفقد المقصد. ما يهم في الحقيقة ليس غيتس أو ما يكروسوفت، بل نظام القيود اللاأخلاقي الذي فرضته مايكروسوفت—مثل كثير من شركات البرمجيات— على زبائنها.

قد يفاجئك هذا الكلام، لأن معظم الناس المهتمين بالحواسيب لديهم مشاعر قوية إزاء مايكروسوفت. رجال الأعمال والسياسيون المدجنون معجبون أيضاً بهذه الشركة التي نجحت في بناء إمبراطورية تبسط سلطتها على عدد كبير من المستخدمين. والكثيرون خارج مجال الحوسبة يشيدون بمايكروسوفت على إنجازات لم تقم إلا بالركوب عليها، مثل بيع حواسيب رخصية وسريعة، وواجهات المستخدم الرسومية الملائمة.

إنسانية غيتس المتمثلة في تقديم الرعاية الصحية للدول الفقيرة نالت اهتمام بعض الناس. أبلغت لوس أنجليس تايمز أن مؤسسته تصرف خمسة إلى 10% من أموالها سنويا وتستثمر الباقي، أحيانا في شركات تساهم في تسبب التلوث البيئي والأمراض في نفس الدول الفقيرة. (تحديث 2010: تدعم مؤسسة غيتس مشروعاً لمجموعة اﻷعمال الزراعية العملاقة كارجيل مما قد يؤدي لتوسيع انتشار المحاصيل المعدلة جينياً في القارة الأفريقية.)

الكثير من علماء الحاسوب يكرهون غيتس ومايكروسوفت تحديدًا. ولديهم كثير من الأسباب لذلك. تسلك مايكروسوفت دائما سلوكا مضاداً المنافسة، وقد أدينت ثلاث مرات. (بوش -الذي أنقذ مايكروسوفت من مصيدة الإدانة الأمريكية الثانية- دُعي للمقر الرئيسي لمايكروسوفت لطلب تبرعات لانتخابات 2000. في المملكة المتحدة، أقامت مايكروسوفت مكتبا رئيسيا في دائرة غولدن براون الانتخابية. كلاهما قانوني، كلاهما منبع للفساد.)

الكثير من المستخدمين يكرهون ”ضرائب مايكروسوفت“، وعقود البيع بالتجزئة التي تجعلك تدفع لويندوز على حاسوبك حتى لو لم تكن تستخدمه. (في بعض الدول تستطيع استرجاع المال، لكن الجهد المطلوب لفعل ذلك يبقى مضنياً). وهناك أيضا إدارة القيود الرقمية: وهي مزايا برمجية مصممة”لمنعك“ من الوصول إلى ملفاتك بحرية. (ازدياد تقييد المستخدمين هو الميزة الرئيسية في فيستا).

ثم هناك أيضاً عدم التوافق غير المبرر والحيلولة دون التكامل مع البرمجيات الأخرى. (لهذا السبب طالب الاتحاد الأوروبي مايكروسوفت بنشر مواصفات الواجهات). في هذه السنة أخذت مايكروسوفت لجان معايرها مع الداعمين لكسب موافقة منظمة المعايير الدولية على ”معيارها المفتوح“ للمستندات. معيار أخرق غير قابل للتطبيق ومحمي ببراءة اختراع. (لهذا السبب يحقق الاتحاد الأوربي في القضية الآن).

هذه التصرفات لا تطاق طبعا، لكنها ليست حوادثً عَرَضية. بل هي أعراض منهاجية لخطأ أعمق لا يعرفه معظم الناس: البرمجيات الاحتكارية.

توزرع برمجيات مايكروسوفت تحت تراخيص تجعل المستخدمين مقسمين وعاجزين. المستخدمون مقسمون لأنهم ممنوعون من مشاركة النسخ مع أي شخص آخر. والمستخدمون عاجزون لأنهم لا يمتلكون الكود المصدري الذي يستطيع المبرمجون قراءته وتعديله.

إذا كنت مبرمجا وأردت تغيير البرنامج -لنفسك أو لشخص آخر- لا تستطيع فعل ذلك. إذا كنت تاجرا وتريد الدفع لمبرمج ليجعل البرنامج يتلاءم مع احتياجتك بشكل أفضل، لا تستطيع فعل ذلك. إذا نسخته لمشاركته مع صديقك -التصرف الذي يشكل حسن جيرة متواضعة- يسمونك ”قرصانا“. مايكروسوفت تريدنا أن نعتقد أن مساعدة جارك هي المكافئ الأخلاقي للهجوم على سفينة.

الشيء الأهم أن مايكروسوفت قامت بذلك لتُعزّز النظام الاجتماعي غير العادل. غيتس شخصيا يمثله، نظرا لرسالته سيئة السمعة التي لامت مستخدمي الحواسيب الدقيقة على مشاركة نسخٍ من برمجياته. قالت -في الحقيقة- ”إذا لم تدعوني أجعلكم مقسمين وعاجزين، لن أكتب البرمجيات ولن تمتلكوا أيا منها. اتركوها لي، وإلا سوف تخسرون!“

لكن غيتس لم يخترع البرمجيات الاحتكارية، وآلاف الشركات الأخرى تفعل الشيء ذاته. هذا خطأ—لا يهم من هو مرتكبه. مايكروسوفت وأبل وأدوبي والبقية، يقدمون برمجيات تعطيهم السلطة عليك. تغيير في الهيكلة أو الشركات غير مهم. ما نريد تغييره هو النظام.

هذا هو محور البرمجيات الحرة. ”الحرة“ تشير إلى الحرية: نحن نكتب وننشر البرمجيات التي يكون مستخدموها أحرارا في المشاركة والتعديل. نقوم بذلك بشكل منظّم لأجل الحرية: البعض منا يُدفع له، والكثير كمتطوعين. لدينا بالفعل أنظمة تشغيل حرة بالكامل، بما في ذلك غنو/لينكس. هدفنا هو تقديم نطاق كامل من البرمجيات الحرة المفيدة، لكي لا يميل مستخدم الحاسوب إلى التخلي عن الحرية للحصول على البرمجيات.

في عام 1984، عندما بدأتُ حركة البرمجيات الحرة، كنت مدركا بعمق لرسالة غيتس. لكني سمعت بعض المطالب الشبيهة من آخرين، وكان لدي رد: ”إذا جعلتنا برمجياتك مقسمين وعاجزين، من فضلك لا تكتبها. نحن أفضل حالا بدونها. سوف نجد طرقا أخرى لاستخدام حواسيبنا وحماية حريتنا“.

في عام 1992، عندما اكتمل نظام التشغيل غنو بالنواة -لينكس-كان عليك أن تكون بارعا لتشغّله. اليوم غنو/لينكس سهل الاستخدام: في أجزاء من أسبانيا والهند، يعتبر معيارا في المدارس. مئات الملايين يستخدمونه حول العالم. تستطيع استخدامه أيضا.

قد تكون الأبواب1 اختفت، لكن جدران وقضبان البرمجيات الاحتكارية التي ساعد في إنشائها موجودة (إلى الآن). نقضها عائدٌ إلينا.

هامش المترجم:
  1. في اللغة الإنجليزية، Gates (غيتس) تعني أبواب، تم استخدامها هنا بمعنى مزدوج، ”أبواب البرمجيات الاحتكارية“ تكافئ حرفيا ومجازيا ”غيتس البرمجيات الاحتكارية“.