هذه الترجمة قد لا تعكس التغييرات التي تم إدخالها منذ 2021-09-02 على النسخة الإنجليزية اﻷصلية.

من المستحسن أن تلقي نظرة على هذه التغييرات. من فضلك، راجع تعليمات الترجمة للحصول على المعلومات المتعلقة بتسليم وتنسيق ترجمات هذه المقالة.

الكتب الإلكترونية: الحرية أو حقوق النشر

بقلم ريتشارد ستالمن

هذه نسخة معدلة بشكل طفيف من المقالة المنشورة في Technology Review عام 2000.


وُضع قديمًا -في عهد الطباعة- تشريع يُنظّم الكتابة والنشر التجاريين وسُمّي حقوق النشر. كان غرض حقوق النشر -كما نص عليه الدستور الأمريكي- ”دعم النهضة“، وكان الأسلوب المتبع جعل الناشرين يحصلون على إذن من الكُتّاب لاستخدام أعمالهم الحديثة.

لم يكن للقراء سبب قوي لرفضه لأن حقوق النشر لم تُقيّد سوى النشر، وليس الأمور التي يمكن للقراء القيام بها. لو تسبب في رفع سعر الكتاب بقدر ضئيل، فكل ما أثر عليه هو المال، وليس حياة القراء. قدّمت حقوق النشر كما أريد بها فائدة للعموم بضرر ضئيل عليهم. قامت -آن ذاك- بغرضها.

بعد ذلك، ظهرت طريقة جديدة لتوزيع المعلومات: الحواسيب والشبكات. ما يميز تقنية المعلومات الرقمية أنها تُسهّل نسخ وتعديل المعلومات، بما في ذلك البرمجيات والتسجيلات الموسيقية والكتب. أتاحت الشبكات إمكانية الوصول غير المحدود إلى كافة أنواع البيانات، وهو الأمر الذي يشبه "مدينة المعلومات الفاضلة".

لكن عقبة كانت في الطريق، ألا وهي حقوق النشر. أصبح القراء الذين يستفيدون من حواسيبهم في مشاركة المعلومات المنشورة خارقين عمليًا لحقوق النشر. تغير العالم بسبب هذا القانون، فما كان تشريعًا صناعيًا على الناشرين أصبح اليوم قيدًا على العموم الذين أريدت خدمتهم به.

في نظام ديمقراطي حقيقي، القانون الذي يمنع نشاطًا شائعًا اعتياديًا مفيدًا يلغى بعد فترة وجيزة. لكن قوة لوبيات الناشرين منعت عموم الناس من الاستفادة من قوة حواسيبهم، ووجدت حقوق النشر سلاحًا ملائمًا لذلك. بدلا من أن تُعدّل حقوق النشر لتلائم الظروف الجديدة، جعلتها الحكومات تحت تأثير اللوبيات أقسى من أي وقت مضى، وفرضت عقوبات صارمة على القراء الذين يُقبض عليهم وهم يتشاركون.

لكن هذه ليست نهاية المطاف. يمكن أن تكون الحواسيب أدواة قوية للسيطرة عندما تتحكم فئة صغيرة بما تقوم به حواسيب الآخرين. لقد اكتشف الناشرون أنه بإجبار الناس على استخدام برامج معينة مُصمّمة لقراءة الكتب الرقمية، فإن بإمكانهم كسب قوة لا مثيل لها: يمكن أن يجبروا القراء على الدفع، وعلى أن يُعرّفوا أنفسهم في كل مرة يقرؤون فيها الكتاب. إن هذا هو حلم الناشرين.

لهذا السبب أقنعوا الحكومة الأمريكية بإعطائهم قانون حقوق نشر الألفية الرقمية (Digital Millennium Copyright Act) لعام 1998، وهو القانون الذي يمنحهم سلطة قانونية كاملة على كل شيء يمكن للقراء القيام به بالكتب الرقمية. حتى القراءة بدون تصريح أصبحت جريمة.

لازلنا نملك نفس الحريات القديمة في الاستفادة من الكتب الورقية. لكن إن عوضت الكتب الرقمية الكتب المطبوعة، فإن هذا الاستثناء لن يكون موجودًا. يمكن تنزيل نصوص جديدة إلى الورقة التي تبدو مطبوعة عبر ”الحبر الإلكتروني“ بل يمكن أن تكون الصحف متوفرة ليوم واحد فقط. تخيل: لن توجد متاجر للكتب المستعملة، لن تتمكن من إعارة الكتب لأصدقائك، لا استعارة من المكتبات العامة، لا ”تسريب“ يُمكّن البعض من القراءة بدون الدفع. وأخذًا بدعايات قارئ مايكروسوفت (Microsoft Reader)، لن توجد إمكانية لشراء الكتب بشكل مجهول. هذا هو العالم الذي يريد الناشرون وضعنا فيه.

لماذا يندر الحديث العام عن هذه التغييرات الجذرية؟ لم يخطر ببال كثير من المواطنين التفكير بالقضايا السياسية المتعلقة بالتقنيات المستقبلية. هذا بالإضافة إلى أن المواطنين قد أخبروا بأن حقوق النشر وُجدت ل”تحمي“ مالكي حقوق النشر، بإيحاء ضمني إلى أن مصالح عموم المواطنين ليست ذات اعتبار.

لكن عندما يبدأ القراء باستخدام الكتب الرقمية، ويكتشفون النظام الذي جهّزه لهم الناشرون، فسيبدؤون بالمعارضة. لن تقبل البشرية هذه العبودية للأبد.

سوف يحاول الناشرون إقناعنا أن حقوق النشر القمعية هي الوسيلة الوحيدة لإحياء الفن، لكننا لسنا بحاجة إلى حرب على النسخ لتشجيع تنوع الأعمال المنشورة، فكما أظهرت Grateful Dead، فإن النسخ بين المعجبين ليس مشكلة. يمكن أن نرجع حقوق النشر إلى تشريع صناعي كما كان إذا شرّعنا النسخ غير التجاري للكتب الرقمية.

يجب أن نزيد على ذلك لبعض أصناف الكتابات. للأبحاث والرسائل العلمية، يجب أن يُشجّع الجميع على إعادة نشرها حرفيًا على الإنترنت؛ هذا سيساعد في حماية السجل العلمي ويجعله في نفس الوقت متوفرًا للجميع. بالنسبة للكتب التعليمية ومعظم المصنفات المرجعية، فإن نشر النسخ المُعدّلة يجب أن يُسمح به أيضًا لأن ذلك يشجع المجتمع على تحسينها.

أخيرًا، عندما تتيح الشبكات الحاسوبية وسيلة سهلة لإرسال مبالغ مالية صغيرة، فإن مبرر منع النسخ الحرفي سوف يختفي. لو أعجبك كتاب، وخرج لك صندوق منبثق فيه ”انقر هنا لتعطي المؤلف دولارًا واحدًا“، ألن تنقره؟ سوف تنبذ حقوق نشر الكتب والموسيقى (التي تنطبق على توزيع نسخ حرفية غير معدلة) تمامًا.

شارك في قائمتنا البريدية حول مخاطر الكتب الإلكترونية.